عيد حزين- أمة تعاني، قادة منقسمون، وغزة في القلب

المؤلف: كمال أوزتورك11.06.2025
عيد حزين- أمة تعاني، قادة منقسمون، وغزة في القلب

على غرار بقية دول العالم الإسلامي، ننخرط في احتفالات العيد، إلا أننا نعجز عن التوصل إلى قرار موحد بشأن تحديد غرة شهر رمضان المبارك ونهايته الميمونة، وبالتالي يوم العيد السعيد.

معركة الموت جوعًا

نحتفل بالعيد جنباً إلى جنب مع فقهاء الأمة الإسلامية الذين لم يتمكنوا من التوافق، أو بالأحرى، لم يفلحوا في إيجاد حل جذري أو آلية فعالة لتوحيد يوم العيد وجعله مناسبة جامعة.

بقلوب يعتصرها الألم، نحتفل بالعيد، بينما نشاهد بأعين دامعة مصرع أكثر من ثلاثة وثلاثين ألف نفس بريئة في سجن غزة المفتوح على مصراعيه.

نحتفل بالعيد في ظل وجود سبع وخمسين دولة إسلامية، لا تستطيع تقديم يد العون أو الإغاثة لأهلنا في غزة المحاصرة، إلا بعد الحصول على موافقة صريحة من الولايات المتحدة وإسرائيل، لنقل الجرحى وتسيير قوافل المساعدات الضرورية لإخواننا الذين أنهكهم الجوع.

إننا نحتفل بالعيد مع أولئك الذين عجزوا عن فتح أبواب غزة الحدودية المغلقة، ويعدّون إلقاء المساعدات الإغاثية من الجوّ إنجازًا عظيمًا يستحق الاحتفاء.

نحن نحتفل بالعيد في كنف أكثر من ملياري مسلم عاجزين عن فعل أي شيء حيال القدس المحتلة، التي يعيث فيها الجنود الإسرائيليون فسادًا، ويتحكمون في مداخلها ومخارجها.

إننا نحتفل بالعيد مع قادتنا الذين يستغرقون في خلافاتهم ونزاعاتهم الداخلية أكثر من اهتمامهم بمواجهة التحديات التي تفرضها إسرائيل وأميركا، والذين يعجزون عن الاجتماع على كلمة سواء، وفرض عقوبات رادعة على إسرائيل، والاتحاد في وجه الظلم والاستبداد.

في الوقت الذي يودي الجوع بحياة العديد من المسلمين في أرجاء القارة الأفريقية، يحتفل المسلمون الذين ينعمون بالرفاهية في بلدان أخرى بالعيد في مظاهر بذخ وإسراف.

حروب وجهل وفقر

نحتفل بالعيد في عالم تعصف به الحروب الأهلية الضروس، وينتشر فيه الإرهاب المدمر، ويتفشى الجهل المطبق، وتستعر فيه نيران الحروب الطائفية البغيضة في مختلف أنحاء الدول الإسلامية.

نحن، بصفتنا أمة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي أرسله الله رحمة للعالمين، نحتفل بهذا العيد المبارك، بينما نضمر العداوة والبغضاء لبعضنا بعضًا، وكأننا لسنا من ملة واحدة.

في حين أننا نملك أعدل وأرحم وأعظم دين للإنسانية جمعاء، فإننا نحتفل بالعيد كأمة تتقاذفها أمواج الإرهاب، وتنهشها براثن الفقر المدقع، ويخيم عليها الجهل والتخلف.

بينما كان من المفترض أن أقوم بشرح تعاليم الإسلام السمحة حول معاناة البشرية وآلامها وصراعاتها، فإننا نحتفل بالعيد مع مثقفينا الذين آثروا الصمت المطبق، ولم ينبسوا ببنت شفة، ولم يتمردوا على الواقع المرير.

نحتفل بالعيد مع شبابنا الذين ترعرعوا على التعصب والانغلاق، ولا يعرفون شيئًا عن حضارة أجدادنا العريقة، وتعاليمهم السامية، وأفكارهم النيرة التي أضاءت جنبات العالم بأسره.

نحتفل بالعيد مع مثقفينا وعلمائنا وقادتنا الذين لم يتمكنوا من إبراز ما نملكه من قيم نبيلة، وقوة كامنة، ومعرفة واسعة، وحكمة بالغة، ولم يسعوا جاهدين لاكتشاف ذواتهم وقدراتهم الكامنة.

وباختصار شديد، نحتفل بالعيد في خضم أجواء يملؤها الحزن العميق والأسى الدائم.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة